ولد أنسي ساويرس في 30 أغسطس 1930 في مدينة سوهاج المصرية المعروفة باسم ’عروس النيل‘ والواقعة على الضفة الغربية لهذا النهر العظيم. كانت عائلة ساويرس، وهي عائلة مسيحية من الأقباط الأرثوذكس، تمتلك مزرعة بمساحة 52 فداناً، وقد أوكلت إلى أنسي، الذي كان الأصغر بين الأخوة الأربعة، مهمة الإشراف عليها بعد أن قرر أخوته الثلاثة السير على خطى ولدهم نجيب في العمل في مجال القانون.
لم يفكر أنسى للحظة بالتنصل من هذه المسؤولية بل قبلها بكل حب وحماس، ما جعله يحقق نجاحاً باهراً في الحقول. فالتحق بجامعة القاهرة وتخرج منها بدرجة البكالوريوس في الهندسة الزراعية. وكان لبناء مبنى جديد على قطعة أرض تابعة للعائلة بعد عودة أنسي لإدارة المزرعة لمدة عامين عظيم الأثر في بث المزيد من الحماس والطموح بداخله. ولم يكن عمره يزيد عن 22 عاماً عندما أسس شركة الإنشاءات الخاصة به التي أطلق عليها اسم ’شركة أنسي ولمعي للمقاولات‘.
وقال السيد ساويرس قبل وفاته في عام 2021: "كانت مهمتي الأولى هي حفر الآبار الارتوازية في 18 منطقة مختلفة في صعيد مصر ... لقد شعرت وقتها بسعادة غامرة. فقد كانت نقطة تحوّل في حياتي ومنذ ذلك الحين أصبحت صناعة البناء والتشييد شغفي".
في ليلة رأس السنة في عام 1935، ولدت يسرية لوزا في منفلوط، وهي مدينة مصرية تبعد 70 ميلاً شمال سوهاج. كان والد يسرية محامياً يمارس مهنته من مكتبه القريب من منزل العائلة، وقد حظيت يسرية بطفولة تتسم بالراحة والرفاهية.
وعلى خلاف العديد من أبناء جيلها، حصلت يسرية أيضاً على تعليم جيد. وتماماً كما فعلت والدتها من قبلها، التحقت يسرية بالكلية الأمريكية للبنات في القاهرة، التي أسستها الكنيسة المشيخية المتحدة في أمريكا الشمالية قبل نحو أربعة عقود. و في الكلمة التي ألقاها أمام الطالبات والمعلمين والمعلمات وأولياء الأمور في حفل افتتاح المدرسة عام 1910 قال رئيس الولايات المتحدة آنذاك تيودور روزفلت: "لا أعتقد أن باستطاعة أي أمة الارتقاء إلى مكانة عظيمة ما لم تكن نساؤها مؤهلات للقيام بدورهن والتمتع بالكرامة على قدم المساواة مع الرجال".
وعلى الرغم من أن روزفلت قد قام بهذه الزيارة قبل بضع سنوات من التحاق يسرية بالمدرسة التي أصبحت تُعرف اليوم باسم كلية رمسيس، إلا أن هذه المشاعر والأفكار شكلت جزءاً مهماً من حياتها وعملها الخيري والاجتماعي المستقبلي.
وفي هذه المدرسة أيضاً التقت يسرية بقريبتها، سوزي جريس، التي جمعتها بها صداقة قوية وعلاقة عمل متينة.
وعن علاقتهما تقول جريس التي تسكن في مدينة القاهرة: "كانت والدتي ووالدتها بنات عمومة من الدرجة الأولى ولذلك كنت أعرفها منذ أيام المدرسة" وتضيف بالقول: "يسرية شخص كريم ومعطاء. يميل بعض الناس بطبيعتهم إلى عمل الخير ومساعدة الأخرين. وعندما يرون شخصاً محتاجاً وهم يملكون الكثير من الموارد، فإنهم لا يترددون في العطاء. وهذا ما فعلته يسرية بالضبط. لقد سخرت الكثير من مواردها من أجل تحقيق الرفاه للآخرين".