English
نبذة +

1980

1990

خارطة طريق لتحقيق التمكين

وضع نهج مدروس لمساعدة الزبالين

واصلت يسرية العمل وتابعت دراساتها الأكاديمية حتى بعد أن أصبحت مبادراتها الخيرية أكثر استراتيجية وتنظيماً. ولتأثرها بمحنة مجتمع الزبالين قامت بتأسيس منظمة مكرسة لمساعدتهم لتكون المنظمة الأولى من بين العديد غيرها التي تنخرط فيها من أجل تحسين حياة المجتمع المصري.

"المرأة هي عمود المجتمع، فهي‏ ‏التي‏ ‏تنشئ‏ ‏الأجيال‏ ‏وهي‏ ‏شريكة‏ ‏لزوجها‏ ‏في‏ ‏تحمل‏ ‏أعباء‏ ‏الحياة‏، ‏لذا‏ ‏يجب‏ ‏الاهتمام‏ ‏بتعليم‏ ‏المرأة‏ ‏وحصولها‏ ‏علي‏ ‏التعليم‏ ‏الأساسي."

يسرية لوزا ساويرس

حتى بعد أن حصلت يسرية على شهادتها الجامعية الأولى ظل شغفها بالتعليم مستمراً. ففي عام 1982 حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية بالقاهرة وبعدها التحقت بدورات في كلية هارفارد كينيدي ثم كلية هارفارد للأعمال تناولت موضوعات مثل القيادة والاقتصاد البيئي وتغير المناخ.

وأدركت يسرية أن تقدمها الأكاديمي المستمر هو المفتاح لتحقيق أكبر قدر ممكن التأثير مع توسع طموحاتها الخيرية.

وشكّل مجتمع الزبالين دافعاً مهماً لانطلاق يسرية نحو جهودها الخيرية المبكرة. فقد جعلتها الزيارة المؤثرة لحي المقطم في عام 1979 تتوق إلى تحسين الظروف المعيشية لجامعي القمامة، ولذلك أسست في عام 1984 جمعية حماية البيئة، وهي منظمة غير حكومية تركز على تحسين الرعاية الصحية والتعليم والظروف المعيشية للزبالين.

ويوضح سميح بالقول: "بدأ اهتمامها بنساء حي الزبالين ... لكنها لاحظت بعد ذلك أن جميع الزبالين، أي المجموعة بأكملها، مهمشون تماماً ويعانون من سوء المعاملة ولا يوجد من يساعدهم على الإطلاق. لذا قررت أن تحتضن الحي بأكمله وهكذا أصبحت تقوم بالمزيد من الجهود في هذا المجال".

ومن الطبيعي أن يتذكر سميح هذه الفترة جيداً إذ كان هو وأخوته منخرطين جداً في هذه الجهود. وعن ذلك تقول يسرية: "كنت اصطحب أبنائي الثلاثة منذ صغرهم إلى مجتمعات جمع القمامة ... لقد أردت أن يروا بأم أعينهم أن العديد من الأشخاص يعيشون في ظروف صعبة وأن أشجعهم على التفكير في السبل الكفيلة بمساعدتهم".

كانت هذه الزيارات لأحياء الزبالين صعبة وشكلت تحدياً بالنسبة للأبناء الذين نشأوا في بيئة مريحة وحصلوا على أفضل تعليم وقد جعلتهم يشعرون بالتواضع.ويتذكر سميح قائلاً: "بدأت رويداً رويداً بتعريفنا على هذه المناطق التي كانت تنشط فيها".

ويضيف بالقول: "عندما تصحبك والدتك كطفل صغير يبلغ من العمر ثماني أو تسع سنوات إلى حي فقير ثم تجعلك تدخل إلى قلب هذه الأحياء الفقيرة لمعرفة كيف يعيش الأطفال في مثل عمرنا من أجل التبرع ببعض ألعابنا القديمة - وهو أمر كان لا بد لنا أن نقوم به لنحصل على ألعاب أخرى جديدة. تعد هذه الزيارات من التجارب العالقة في ذهني. الخوف من الروائح الكريهة والظلام والأزقة الصغيرة ومشاهدة جميع هؤلاء الأطفال وهم يركضون حفاة القدمين. لا تزال جميعها عالقة في ذاكرتي كما لو أنها حدثت بالأمس".

لكن سرعان ما أدرك سميح وإخوته أن تلك الزيارات كانت جزءاً من خطة والدتهم لتعليمهم أهمية مساعدة من هم أقل حظاً. ويوضح سميح بالقول: "أرادت أن تتأكد من أن أطفالها يدركون حجم الامتيازات التي حصلوا عليها في هذه الحياة. وربما كانت هذه أفضل مقدمة تشرح فيها لماذا يتوجب علينا المساعدة. لقد بين لنا هذا الجانب من عملها الاجتماعي أيضاً أننا عندما نكبر ويتوفر لدينا المال لا بد لنا أن نساعد هؤلاء الأطفال وتلك المجتمعات".

كونها أماً عاملة كان بالفعل مفهوماً ثورياً يتحدى الأعراف والتوقعات المجتمعية، إذ يقول سميح: "بالنسبة لنا كأطفال كانت أمنا ليست هنا لأنها في العمل. لم يكن يهم إن كان عملها من أجل الآخرين أو من أجل جني المال". غير أن يسرية لم تكن تريد كسر الحواجز فقط بل زيادة تأثيرها الخيري كذلك.

وكمدير مالي لمؤسسة فورد في القاهرة، أنشأت يسرية شركة تدقيق خاصة تقدم خدماتها للمنظمات غير الربحية. كما ساهمت في تأسيس منظمات خيرية أخرى إلى جانب جمعية حماية البيئة، لا سيما الجمعية المصرية لأطفال الشوارع والجمعية المصرية لرعاية مرضى الكبد.

حي الزبالين

جامعو القمامة غير الرسميين في القاهرة

تعني كلمة "الزبالين" بالعامية المصرية الاشخاص الذين يقومون بجمع القمامة، وهي تشير إلى المجتمع الذي يعمل بشكل غير رسمي في جمع القمامة في القاهرة منذ أربعينيات القرن الماضي لإعالة أنفسهم وأسرهم.

ويُقدر عدد الاشخاص من مجتمع الزبالين، الذي يتكون في الغالب من المسيحيين الأقباط، ما بين 50,000 و80,000 شخص وهم يقطنون العديد من المناطق الحضرية في القاهرة مع وجود أكبر تجمع لهم في حي المقطم الذي يعتبره نحو 25,000 موطناً لهم في ظروف مشابهة في أغلب الأحيان لظروف الأحياء الفقيرة.

ولدى الزبالين قدرة استثنائية على إعادة التدوير فهم قادرون على إعادة تدوير ما يصل إلى 90 في المائة من النفايات التي يجمعونها من المنازل والشركات في القاهرة، مما يجعلها أكثر ممارسات إعادة التدوير كفاءة في العالم. ويُعتقد أن الزبالين يجمعون نحو 7,000 طن من القمامة كل يوم، على الرغم من أنهم يحصلون على مقابل مادي لما يمكنهم إعادة تدويره فقط.

في عام 1984، أسست يسرية ساويرس جمعية حماية البيئة المصرية بهدف حماية سُبل كسب الرزق وتحسين الظروف المعيشية لمجتمع الزبالين. وفضلاً عن توفير دروس محو الأمية وبرامج الأمومة والطفولة، تقدم جمعية حماية البيئة فرصاً لتعزيز المهارات في مجالات مثل التسميد ونسج السجاد وترقيع المنسوجات.

وترأس جمعية حماية البيئة سوزي جريس صديقة الطفولة ليسرية التي شهدت على تأثير مؤسسة الجمعية على مجتمع الزبالين، حيث تقول: "يعد مجتمع جامعي القمامة مهمشاً للغاية ويعيش أفراده على أطراف المدينة. وكانت هناك دعوات من الكثير من الأشخاص لمحاولة مساعدة هذه الأسر وهذا المجتمع لأنهم ليسوا جزءاً من النظام الرسمي لإدارة النفايات الصلبة في مدينة القاهرة".

وتقول سوزي: "بدأت يسرية بالذهاب إلى المقطم وتقديم المساعدة لبعض الأسر هناك، وكان الكثير منها في الحقيقة معوزة جداً. لقد كان أفرادها بحاجة إلى الرعاية الصحية والدعم. لقد كانوا بحاجة إلى أشخاص يتفاعلون معهم ويشعرونهم بأنهم أشخاص مهمون. لقد كان هذا الحي المكان الذي تقدم له يسرية الكثير من وقتها وأموالها لمساعدة هؤلاء الأشخاص. وكانت هذه نقطة البداية لتأسيس جمعية حماية البيئة".

"تمثل الهدف الرئيسي [لهذه المبادرة] في تعزيز محو الأمية وتعليم النساء الحرف حتى يتمكن من كسب بعض الدخل لإعالة أسرهن وتحقيق مستوىً من الاستقلال".

وتضيف قائلة: "لقد كانت ترى هؤلاء النسوة المحرومات والأميات والمهاجرات من صعيد مصر اللواتي يعشن في بؤس مع عائلاتهن وتذهب بنفسها إلى بيوتهن وتتحدثن إليهن. لقد كان ذلك أمراً رائعاً".

وتختتم بالقول: "تتميز يسرية بأنها شخص يتخذ زمام المبادرة. إنها مناضلة وقائدة متميزة".