0%
English
نبذة +

1970

1980

بدايات جديدة

يسرية تستكشف هدفاً جديداً بعد لم شمل أسرتها من جديد

شجع المناخ الاقتصادي الجديد الذي ساد مصر أنسي على العودة من ليبيا وأحيا طموحاته في تنمية أعماله على أرض وطنه. في الوقت ذاته، تركت زيارة قامت بها يسرية لضواحي القاهرة الفقيرة أثراً كبيراً في نفسها ما جعلها تتوق لتقديم يد العون لأبناء وطنها. وفي هذه المرحلة خطت يسرية أولى خطواتها في العمل الخيري مستمدة الإلهام من إيمانها وتعليمها.

"التعليم هو أفضل استثمار في أي بلد في العالم."

سميح ساويرس

بعد أن أصبح أنور السادات رئيساً لمصر عام 1970 خلفاً لجمال عبد الناصر، بدأ بتغيير الاتجاه الاقتصادي للبلاد. وعكست سياسة "الانفتاح" التي تبناها في عام 1974 العديد من الإصلاحات الاشتراكية التي أقدم عليها سلفه وسعى لتشجيع الاستثمارات من قبل القطاع الخاص، على المستويين الداخلي والخارجي.

جذب المشهد التجاري الجديد في مصر أنسي ساوريس إلى وطنه. وبعد أكثر من 10 سنوات من النجاح في ليبيا، عاد أنسي في عام 1976 للعمل في مجال خبرته وأسس شركة أوراسكوم للصناعات الانشائية ونمت أعماله بالتزامن مع الاقتصاد المصري المزدهر.

أصبحت عائلة ساويرس إحدى اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد المصري، ولا تزال أوراسكوم اليوم واحدة من المجموعات الصناعية الرائدة في البلاد. الصور: غيتي إميجيز/ شاترستوك.

وفي تلك الفترة، بدأ النجاح يحالف أبناءه الثلاثة أيضاً. وكان الأمل يحدو أنسي بأن يتمكن أبناؤه من الانضمام إليه في عمله، ولذلك لم يدخر جهداً لتمكينهم من ذلك. فقام بإلحاقهم بأفضل المدارس في مصر ومن ثم أرسالهم لمتابعة تعليمهم في أمريكا وسويسرا وألمانيا.

شعر أبناء أنسي بالامتنان للتعليم المتميز الذي حصلوا عليه. وعن ذلك يقول سميح: "لقد حظينا بامتيازات فريدة بفضل هذا التعليم". ويتذكر سميح أيضاً كيف لعب حماس والدته للتعليم دوراً محورياً في تنشئته هو وأشقاؤه.

"لقد أدركت كيف تمكنت من تطوير إمكاناتها عندما بقيت مع أطفالها [في مصر] من أجل متابعة دراستهم. [وحتى عندما] كان زوجها منشغلاً في عمله وعند انتقاله إلى ليبيا في أعقاب تأميم شركته، كانت تقول أن ’علي أن أفعل شيئاً يجعل دوري أكثر أهمية في الحياة من مجرد ربة منزل".

"فعادت إلى الدراسة من جديد وحصلت على الدرجة الجامعية الأولى ودرجة الماجستير وبدأت في العمل وافتتحت مكتبها الخاص. وقد علمتها هذه الرحلة قيمة التمكين في حياتها وحياة الآخرين".

بناء مستقبل جديد لمصر

بناء مستقبل جديد لمصر

في عام 1950 أسس أنسي ساويرس ما كان يعرف آنذاك باسم شركة أنسي ولمعي وبدأت الشركة نشاطها بالتركيز على مشاريع البناء في صعيد مصر. وفي عام 1976، أي بعد عودة أنسي من ليبيا، أسس شركة أوراسكوم للصناعات الإنشائية التي سرعان ما أصبحت أول شركة مصرية متعددة الجنسيات تدير مصانع للأسمنت في كل من مصر والجزائر قبل أن تتوسع في تركيا وباكستان والعراق وإسبانيا.

وقد أصبحت أوراسكوم اليوم شركة عالمية رائدة في مجال الهندسة والبناء وتوظف أكثر من 65,000 شخص حول العالم وتغطي عملياتها أكثر من 20 دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا والولايات المتحدة. ويعتبر الالتزام بتحقيق النمو المستدام أحد الركائز الأساسية الأربعة للشركة، وقد ساهمت في عام 2019 في بناء مزرعة رياح رأس غارب، أكبر مشروع للطاقة المتجددة من نوعه في مصر.

بينما كان أنسي ساويرس حريصاً على حصول أبنائه على أفضل تعليم ممكن من أجل السير على خطاه في عالم الأعمال التجارية، كان دافع يسرية موجهاً بشكل أكبر نحو المجتمع. فقد جسدت حياتها شعار الكلية الأمريكية للبنات بالقاهرة، كما كان يُطلق عليها آنذاك وهو "التحق للتعلم وتخرّج لخدمة الآخرين" فنجحت في جعل أولادها يدركون أهمية رد الجميل بينما تابعت هي مسيرتها في التعليم.

ويوضح سميح بالقول: "لقد غرست والدتي فينا مبدأً من دون ان تتحدث عنه صراحة وهي أننا كنا محظوظين وأننا قد حظينا بالكثير من المزايا... فقد حصلنا على تعليم جيد وكان والدنا رائد أعمال، فتميزنا عن الآخرين في نواح كثيرة. لقد كانت تذكرنا دائماً بأن ما لدينا ليس ملكاً لنا بالكامل، فنحن مدينون للمجتمع برد الجميل. تعتبر مصر دولة فقيرة والكثيرون من سكانها بحاجة إلى المساعدة، لكن لا يمكن للناس الاعتماد على الدولة فقط".

ويقول سميح أيضاً أن كون أسرته من المسيحيين الأقباط قد لعب أيضًا دوراً مهماً في أعمالها الخيرية فيقول: "كانت والدتي تفرق بين العمل الخيري والعمل الاجتماعي. لقد قامت بأعمال خيرية كثيرة، لكنها كان تعتبر العمل الاجتماعي واجباً يجب على الأشخاص الذين حالفهم الحظ في الحياة والذين يتمتعون بوفرة الموارد. فالأول يأخذك إلى السماء والثاني يخرجك منها إذا لم تقم به. لذلك علينا القيام بالاثنين معاً، هذا كان أسلوبها في التعبير عن ذلك. وذلك بالنسبة لنا كان كلاهما عملاً إلزامياً".

وفي يوم الأم في عام 1979، علمت يسرية عن قضية أثرت فيها وفي أسرتهاً كثيراً وأولت لها فيما بعد اهتماماً بالغاً. ففي عشاء أقيم بهذه المناسبة، تعرّفت يسرية على محنة الزبالين في حي المقطم بالقاهرة، فقررت زيارة المنطقة المعروفة للسكان هناك بـ "حي الزبالين" وتأثرت جداً بما رأت هناك.

وعن ذلك قالت: "كانت هذه بداية انخراطي في المساعدة في هذا المجال. كان لا بد من يقدم أحد على هذه الخطوة، ومنذ ذلك الحين وأنا أحاول أن أحدث فرقاً".