English
نبذة +

1980

2000

منارة جديدة من الأمل

الزوجان الجفالي يعززان إرثهما الخيري بإطلاق مؤسستهما العائلية

لم يكتفِ أحمد وسعاد بالعشرات من المؤسسات والمبادرات والبرامج التي أسساها خلال 30 عاماً من عمر زواجهما وأرادا توسيع نطاق عملهما الخيري بصورة أكبر. ونتيجة لذلك، أطلقا مؤسسة أحمد الجفالي الخيّرية، وكانت ذكريات طفولة سعاد القاسية في صميم أهداف المؤسّسة.

"قال والدي أنه يريد أن يكون هؤلاء الأطفال جزءاً من المجتمع."

خالد الجفالي

في عام 1985، ارتقى أحمد وسعاد الجفالي بأعمالهما الخيرية إلى مستوى أعلى بتأسيس مؤسسة أحمد الجفالي الخيّرية. وقد أصحبت المؤسسة بمثابة منصة للعائلة لتقديم مساعدتها للمجتمعات الأوسع في المملكة العربية السعودية والعالم.

وتسترجع سعاد ذكريات إنشاء المؤسسة، فتقول: "قررت وزوجي ذات يوم أنّ الوقت قد حان لنبدأ مشروعاً خيرياً خاصاً بنا ... ولم يكن ما كان علينا القيام به في المملكة العربية السعودية، لا سيما جدة، بناء منزل، بل مركز لعلاج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة". 

شكلت صداقة الطفولة بين سعاد وابن جيرانها - ذلك الطفل المصاب بمتلازمة داون - أثناء إقامتها في بيروت مصدر إلهام لمبادرة المؤسسة الرائدة: ’مركز العون‘. ومن خلال توفير المتطلبات التعليمية المتخصصة التي لم تكن متاحة تقليدياً في البيئات المدرسية التقليدية، أصبح ’مركز العون‘ منارة أمل للعائلات التي لديها أطفال يعانون من إعاقات ذهنية، هذه العائلات التي عانت الكثير سابقاً للعثور على رعاية خاصة لأطفالها في المملكة العربية السعودية.

ازدهر ’مركز العون‘ بفضل فريق من المتخصصين المدربين تدريباً عالياً الذين شرعوا في فهم الاحتياجات الفريدة لطلابهم والقادرين على تنظيم البرامج المخصصة لغرس الثقة فيهم وتعزيز مهاراتهم. وشكّل المركز واحدة من أولى المبادرات من نوعها في المملكة العربية السعودية التي فتحت آفاقاً جديدة حول كيفية دعم الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة في بلد غالباً ما يتم فيه استبعاد وتهميش هذه الفئة من الشباب من قبل غالبية أفراد المجتمع.

وسرعان ما أصبح واضحاً أنه مع ازدياد الطلب على خدمات المركز، لم تعد مبانيه كافية. وهكذا وضع الشيخ أحمد في شهر أكتوبر من عام 1993 حجر الأساس لمنشأة حديثة تمتدّ على مساحة 43,000 متر مربع.

 

يستمر إرث الشيخ أحمد الخيري والإنساني من خلال مركز العون، الذي يستضيف اليوم 350 طفلاً يقوم على رعايتهم 170 موظفاً. ويعمل المركز على مستوى إقليمي رائد وقد حقق تميّزاً بدعم الأطفال ذوي الخاصة، بمنحهم فرص الوصول إلى التعليم بالإضافة إلى تعزيز فرص انضمامهم إلى سوق العمل لدعم أنفسهم كبالغين.

يتذكر خالد نجل الشيخ أحمد كيف اختار والده قطعة أرض بموقع مهم في وسط مدينة جدة ليبني عليها مقرُّ المركز الجديد. وقد جعل موقع المكان الاستراتيجي أقرانه يتساءلون عن سبب تخصيص قطعة الأرض هذه دون غيرها، ويوضح بالقول: "لم يفهموا سبب إنفاقه الكثير من المال على مثل قطعة الأرض المميزة هذه ونصحوه بالعثور على قطعة أخرى أرخص ثمناً خارج المدينة". ويستأنف خالد قائلاً: "لكن والدي قال أنه يريد أن يكون هؤلاء الأطفال جزءاً من المجتمع وأن يكونوا قادرين على التفاعل اجتماعياً ويحصلوا على تأهيل يمكنهم من العمل، وتمسك ببناء المركز في هذا الموقع وأكمل مشروعه".

هذه اللحظة الفارقة والسعيدة في مسيرة العطاء لعائلة الجفالي، المتمثلة بنهاية أعمال إنشاء المركز الجديد ووضعه في الخدمة في شهر سبتمبر من عام 1995، شكّلت من جانب آخر لحظة حزينة، إذ لم يُكتب للشيخ أحمد العمر ليرى افتتاح المركز وبدء عمله، إذ وافته المنية في الـ20 من شهر يوليو عام 1994، عن عمرٍ ناهز الـ70  عاماً. 

لكن إرث الشيخ أحمد الخيري والإنساني مستمر من خلال مركز العون، الذي يستضيف اليوم 350 طفلاً يقوم على رعايتهم 170 موظفاً. ويعمل المركز على مستوى إقليمي رائد وقد حقق تميّزاً بدعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بمنحهم فرص الوصول إلى التعليم بالإضافة إلى تعزيز فرص انضمامهم إلى سوق العمل لدعم أنفسهم كبالغين.

ولا يجسد المركز الأخلاق الكريمة التي تتحلى بها عائلة الجفالي فقط بل تقوم بإدارته أيضاً ثلاثة أجيال من العائلة، بما في ذلك السيّدة سعاد، ونجلاها خالد ومها، وأحفادها دانيا ودينا ودانا. 

وتعبر مها الجفالي، مديرة المركز وعضو مجلس إدارته، عن شغفها بدعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فتقول: "لقد تغيّر المجتمع 360 درجة. فلم يعد كون الطفل من ذوي الإعاقة الذهنية بالأمر السلبي كما كان يُنظر للأمر من قبل. يمكن للمجتمع أن يتحسن بقبول الأطفال واحتضانهم بحب، من خلال تحفيزهم وتقديم المساعدة لهم وعدم النظر إليهم على أنّهم مرضى أو يشكلون خطورة على من حولهم. فهناك أشخاص بالغون من هذه الفئة يساهمون بشكل إيجابي في مجتمعهم، ويحصلون على راتب وينفقونه علي احتياجاتهم كجميع الناس، وهكذا تستمر دورة التمكين. وهذا أمر جيد بالنسبة لاقتصاد المملكة".