0%
English
نبذة +

2024

Present

ما بعد ٧ أكتوبر

ما بعد ٧ أكتوبر

مع تدمير معظم قطاع غزة بالقصف الإسرائيلي، ومع إصابة جيل من الشباب بجروح جسدية ونفسية لا يمكن معالجتها، فإن الحاجة للعمل الخيري في فلسطين أصبحت أكبر من أي وقت مضى. وفي خضم هذا الدمار وعدم اليقين، فلقد قررت مؤسسة عبد المحسن القطّان التمسك بمهمتها الأساسية المتمثلة في دعم الثقافة والتعليم من أجل تعزيز أمة فلسطين وشعبها.

"إننا بحاجة إلى خلق حوارات نقدية داخل مجتمعنا للتأمل في هذه الكارثة"

عمر القطّان

كرّس عبد المحسن القطّان حياته لتحسين أوضاع دولته بلاده الحبيبة فلسطين. وفي عام ٢٠٢٥، فإن الأمة قد وصلت مرة أخرى إلى أدني مستوياتها بعد ١٥ شهراً من حملة القصف الإسرائيلية للإبادة الجماعية، والتي أحالت قطاع غزة إلى غبار وأودت بحياة ما يقارب من ٥٠,٠٠٠ فلسطيني.

وفي وقت كتابة هذا النص، فإن النزاع قد أسفر عن مقتل اثنين من موظفي المؤسسة، أحدهما مات من جراء الغارات الإسرائيلية، والآخر لنقص الرعاية الطبية الناتج عن النزاع المستمر. ولقد غادر خمسة أشخاص قطاع غزة، بينما مازال هنالك ٢١ شخص آخر في داخله رغم فقدانهم لمنازلهم وللعديد من أفراد أسرهم.

وأُعيد فتح المركز الثقافي التابع للمؤسسة في قطاع غزة، الذي أغلق أبوابه عندما بدأت الغارات الجوية الإسرائيلية، كمأوى مؤقت للأسر النازحة. وبعد عام من الحرب، تم قصفه. وبينما لا يزال الهيكل قائماً، فالمؤسسة تقول إنها تعتقد أن الكثير من محتوياته قد تم تدميرها أو سرقتها.

ومع ذلك، رغم عُذر هذه الظروف، إلا أن أعمال المؤسسة مستمرة في قطاع غزة؛ وبحلول أواخر ٢٠٢٤، فإن المؤسسة قد قدمت حوالي ٧٠ منحة صغيرة لفنانين ومربين عالقين في المناطق المحاصرة، لتمكينهم من تقديم دروس وبرامج ثقافية للأطفال.

وتقول المديرة التنفيذية فداء توما إن التركيز داخل قطاع غزة ينصب على الفنانين والمعلمين والأطفال، حيث تقدم المؤسسة دعماً نفسياً واجتماعياً بسيطاً للشباب في مراكز الإجلاء، وذلك من خلال الموسيقى، والسرد القصصي، والتمارين الفنية، والمسرح. كما تقوم المؤسسة بمرافقة المعلمين أثناء إدارتهم «مساحات تعلم مؤقتة» أو «مبادرات تعليمية للطفولة المبكرة»، وهذا بالتنسيق مع «مجموعة التعليم».

وأما في الضفة الغربية، فإن المؤسسة قد واصلت برنامج الفنانين المقيمين، وتقدم الدعم للمعلمين والمربين، ولكن في الغالب عبر الإنترنت بسبب حواجز الطرق والقيود المفروضة على الحركة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وفي وقت كتابة هذا النص، فإنه قد تمت دعوة الطلبات للحصول على منح «الاستوديوهات» ومنحة «الكتاب الأول ٢٠٢٥»، حيث توفر المنح الأولى مساحة تدريبية للموسيقيين والفنانين البصريين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بينما تهدف المنحة الثانية إلى دعم الكتابات الجديدة، وكلا التعبيرين في هذه اللحظة من تاريخ فلسطين هما أكثر أهمية وحيوية من أي وقت مضي.

أُغلق المركز الثقافي التابع للمؤسسة في غزة عندما بدأت الغارات الجوية الإسرائيلية، ثم أُعيد فتحه كمأوى مؤقت للعائلات النازحة. وبعد عام من اندلاع الحرب، تعرض للقصف، ورغم أن المبنى لا يزال قائمًا، إلا أن جزءًا كبيرًا من محتوياته قد دُمّر أو سُرق. الصورة: مؤسسة عبد المحسن القطان

الفن والأمل

منح مجتمعية لفناني غزة

الفنان مهدي كريرة هو أحد الفنانين الذين تلقوا تمويلاً من المؤسسة، وهو ماهر في استخدام مواد الخردة لصنع الدمي المتحركة التي يؤدي بها عروضاً للأطفال في مخيمات النزوح عبر قطاع غزة.

ويقول كريرة: "إن ابنتي أطلقت اسم «حربي» (أو دمية الحرب) على أول دمية صنعتها، وهذا بسبب الحرب". ثم يضيف: "إن صنع الدمى صار تحدياً صعباً بدون كهرباء؛ إذ مهام بسيطة مثل حفر الثقوب أو ربط الأجزاء قد أصبحت شديدة الصعوبة. وإنني اضطررت إلى نحت الأشياء وتثبيتها يدوياً. ويداي تحملان علامات ذلك—حروق من الغراء الساخن، وجروح من المناشير، وبلاستيك قد ذاب على أصابعي".

ويفصح بأن الوصول إلى أماكن العروض هو أيضاً معاناة، ولكن ليس لديه نقص في الجماهير إذ الناس مستمرون في العيش بطريقة مكتظة في الملاجئ المؤقتة، وحيثما ردود الفعل التي يتلقاها هي أكثر من مبرر لجهوده.

ويقول كريرة إن "المسرح يجلب الناس سوياً—إنه يجلبنا سوياً. وأحد الأشياء التي تعلمتها خلال هذه الحرب هو مقدار ما يعنيه أن يحمل الطفل دمية بعد العرض. ولقد رأيت صوراً لأطفال يهمسون إلى الدمى، وأتمنى لو كنت أعرف ما كانوا يقولونه. ولا شك إن هذه اللحظات تجلب أعظم سعادة بالنسبة لي".

وفي نفس الوقت، في مدرسة «الفخور»، التي أصبحت ملاذاً في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة، فإن مدرب الفنون الأدائية أحمد طافش يقوم بتعليم الأطفال كيفية إنشاد الأغاني وعزف الإيقاعات باستخدام أدوات بسيطة، مثل الأشياء الخشبية وأواني الطعام الفارغة.

ويركز طافش على الغناء الجماعي لخلق انسجام ما بين المشاركين. ويهدف هذا النمط من الأداء التعاوني إلى تقوية الروابط ما بين الأطفال النازحين من مناطق مختلفة، وخلق شعور بالدعم والقوة.

ومن المستفيدات من تمويل المؤسسة في مدينة خان يونس هي الفنانة البصرية آلاء شهوان، والتي تعمل مع الأطفال النازحين، وتشجعهم على استخدام الرسم للتعبير عن مشاعرهم تجاه الحرب. وبالرسم على أنقاض المنازل المدمرة، فإن بعض الأطفال يصورون أنفسهم كأطباء يعالجون الجرحى، بينما يصور آخرون أنفسهم كرجال شرطة قادرون على الدفاع عن وطنهم.

 

Mahdi Karira is one artist who has received funding from the foundation. He has been using scrap materials to make his marionettes which he then performs with for children in displacement camps across Gaza.

ويقول عمر القطّان، الذي سلّم رئاسة مجلس الإدارة في أواخر ٢٠٢٤ إلى شقيقته نجوى، بينما يتفرغ هو للتركيز على مصالح الأسرة التجارية: "الأمور أسوأ مما كانت عليه في أي وقت مضى، والحاجة الملحة للمساعدة أصبحت أيضاً أكثر حدة، وليس فقط في فلسطين، بل في المنطقة بأكملها."

ويضيف: "كل شيء يبدو أكثر صعوبة مما كان عليه عندما بدأنا، ليس في غزة فحسب، بل في كل فلسطين. والسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا الآن هو: ماذا يمكننا أن نفعل أمام الكارثة التي تواجهنا؟ إذ أن نموذجنا القائم على التغيير من خلال التحفيز والإلهام، لم يعد كافياً بحد ذاته."

ويشعر عمر بقوة—مثل ما فعل والده—أنه من المهم استخدام التعليم والثقافة لإعادة توحيد الفلسطينيين.

وبالنسبة لمحمود أبو هشهش، مدير الثقافة والتعليم في مؤسسة عبد المحسن القطّان، والذي عاصر دورات متكررة من العنف والاضطراب، فإنه يري أيضاً بأنها لحظة إدراك حاسمة.

ويقول: "أعتقد أننا الآن في لحظة حرجة للغاية، وحيث نشهد تحولاً حاداً جداً. وكقطاع، فإننا نحتاج إلى إعادة تشكيل رؤانا وبرامجنا بشكل جماعي لمواجهة هذا التحدي الماثل أمامنا وتلبية احتياجات المستقبل".

ويضيف عمر: "لذلك، إننا بحاجة إلى خلق حوارات نقدية داخل مجتمعنا للتأمل في هذه الكارثة—ليس فقط من الناحية الجيوسياسية—بل من حيث  السؤال التالي: لماذا سمحنا بوقوع هذه الكارثة نحن كمجتمع؟ وكمؤسسة ثقافية، فإنه علينا أن نجد طرقاً لطرح هذه الأسئلة الصعبة. إنه ليس بالأمر السهل".

ويتابع قائلاً: "الجميع في حالة دفاعية متشددة في هذه اللحظة؛ ولكن كمؤسسة، فإننا نريد أن نستفيد من شرعيتنا لاستضافة حوارات ملحة وحساسة، وآمل أن يكون ذلك ممكناً، لتصور ملامح مستقبل أكثر عدالة واستقراراً وسلاماً. ولا شك أن الناس حساسون جداً في هذا الزمن المؤلم، وسوف تثير هذه الحوارات ردود فعل قد تكون عنيفة، ولكننا بأمس الحاجة اليها من أجل إعادة البناء سوياً".

عبد المحسن القطان كرّس حياته من أجل تحسين أوضاع فلسطين الحبيبة. الصورة: عائلة القطان.

Next Founder

الشيخ أحمد عبد الله الجفالي

Born: 1924

Areas: التعليم، الصحة، الشباب

Nationality: سعودي

Geography: جميع أنحاء العالم