0%
English
نبذة +

1950

1960

فترة التأسيس

فترة التأسيس

تزوج القطّان من ليلى المقدادي في دولة الكويت، حيث عمل كلاهما كمعلمين. وسرعان ما تمت دعوته للعمل في وزارة الكهرباء والماء، وفيما بعد أسس شركته الخاصة في مجال المقاولات. والآن، بفضل ثبات الدخل، بدأ القطّان في تحمل مسؤولية دعم إخوانه الفلسطينيين وتوفير التمويل للمنح الدراسية للطلبة الواعدين.

"القيم التي نشأت عليها، والتي تأتي جذورها من الإسلام والأديان الأخرى، هي الرأفة ودعم المحتاجين في مجتمعك بحسب استطاعتك"

عبد المحسن القطّان

انتقل القطّان للعمل في دولة الكويت كمعلم مع بداية الطفرة النفطية عندما كان العمال الأجانب يوفدون للمساعدة في تنفيذ برنامج طموح للأشغال العامة. وهنا التقى بصهره المستقبلي، المربي القومي الشهير الأستاذ درويش المقدادي الذي قدمه إلى ابنته ليلى، والتي كانت أيضاً تستعد للتخرج من الجامعة كمعلمة. ولقد تزوجا في عام ١٩٥٤.

ومثل زوجها، خاضت ليلى تقلبات كبيرة أيضاً بسبب عدم الاستقرار الجيوسياسي في كافة نواح الإقليم. ولقد ولدت ليلي في دولة العراق إلى حيث تم نفي والدها—المربي الموقر الأستاذ درويش المقدادي—من فلسطين الانتدابية لرفضه تحية العلم البريطاني. وأُرغمت ليلي إلى جانب أسرتها على الانتقال عدة مرات؛ أولا إلى العراق، ثم إلى دمشق وبيروت، قبل أن يستقروا في الكويت (التي نزحوا منها لاحقاً خلال حرب الخليج الأولى).

وبعد بضعة سنوات من مسيرته المهنية في مجال التدريس، تمت دعوة القطّان من قبل حكومة الكويت للعمل في وزارة المياه والكهرباء الجديدة.

ولقد ترقى في الرتب بالوزارة حتى أصبح مديراً عاماً. وفي عام ١٩٦٣، بعد أن أصبح مواطناً كويتياً نتيجة لخدماته لدولته بالتبني، فإنه أخذ قفزة أخرى، تاركاً وراءه وظيفته الوزارية الآمنة فدخل في شراكة مع رجل الأعمال الكويتي الحاج خالد يوسف المطوع، لتأسيس شركة الهاني للإنشاءات والتجارة.

ووفقاً لابنه الأكبر هاني، عندما استقال القطّان من الوزارة لتأسيس مشروعه الخاص، تم استدعاؤه للقاء أمير الكويت آنذاك، عبد الله السالم الصباح، وعرض عليه الفرصة ليصبح سفيراً.

ويوضح هاني: "إن هذا يخبرك بمدى تقديرهم له، سواء من حيث القدرة أو النزاهة. ولكنه رفض العرض لأنه أراد أن يكون لديه عمله الخاص لتوليد ثروة وللتمكن من مساعدة الفلسطينيين الآخرين، وهذا يخبرك أيضاً الكثير عن إحساسه العميق بالمسؤولية".

وخلال هذه الفترة، وجد القطّان نفسه يتنقل ما بين عالمين متميزين. فمن ناحية، أصبح رجل أعمال ناجحاً في الكويت، ولكنه كان أيضاً ملتزماً التزاماً عميقاً بالنضال من أجل تحرير وطنه، ودعم شعبه المنفي، وصون ثقافته وهويته.

وكتب أحد أبنائه—عمر—بعد وفاته: "إن هذا الأمر تطلب منه شجاعة وتصميم مبدئي، ولكن تطلب أيضاً إيجاد حل وسط. وإن الكيفية التي توصل بها إلى تحديد هذه التناقضات وإلى مزاوجتها بمهارة—أي التفكير التقدمي مقابل الواقعية المحافظة، والكفاح من أجل التحرر مقابل حب التقاليد، ومنطق المشاركة السياسية والاجتماعية مقابل منطق الأعمال التجارية، والأمل مقابل اليأس—كان من شأنها أن تميز مسار حياته".

وتُعد أعمال القطّان التجارية، التي لا تزال تعمل حتى اليوم باسم مجموعة الهاني ويترأسها الآن عمر، واحدة من أنجح شركات المقاولات في العالم العربي. وتشمل بعض مشاريعها البارزة: مركز جابر الأحمد الثقافي الشهير؛ وحدائق الشهيد ٢ و٣؛ وأكبر المسارح في الكويت؛ وقاعة مؤتمرات قصر بيان؛ ومجمع المحاكم المركزية الكويتية؛ ومطار الكويت الدولي؛ والعديد من مباني الحرم الجامعي الجديد لجامعة الكويت في منطقة الشديدية.

عبد المحسن وليلى، في صورة خطوبتهما المأخوذة في بيروت عام 1954، التقيا في بلد اللجوء، الكويت، أثناء عملهما كمعلمين. بإذن من مؤسسة عبد المحسن القطان

عائلة القطان المتنامية في الكويت في أواخر خمسينيات القرن الماضي، قبل انتقالها إلى لبنان من أجل تعليم الأطفال. بإذن من مؤسسة عبد المحسن القطان

وتمت مكافأة مساهمات القطّان تجاه الكويت وتنميتها الاقتصادية بمنحه الجنسية الكويتية، مما منحه وأسرته اليافعة حرية تنقل قد حُرم منها العديد من الفلسطينيين المنفيين وقتئذ.

وفي أواخر الستينات، بدأ القطّان وزوجته في دعم الشباب الفلسطيني في الداخل والخارج، وذلك من خلال توفير التمويل والمنح الدراسية لمساعدتهم على مواصلة تعليمهم.

وقال القطّان في مقابلة أُجريت معه في عام 2011 إن "القيم التي نشأت عليها، والتي تأتي جذورها من الإسلام والأديان الأخرى، هي الرأفة ودعم المحتاجين في مجتمعك بحسب استطاعتك". وأردف إن "أولويته الأولى" هي المساعدة في تمويل تعليم أقاربه المباشرين وأطفاله ثم أحفاده، ولكنه كان كريماً جداً أيضاً تجاه العديد من الفلسطينيين خارج نطاق أسرته.

وتستحضر نجوى القطّان، ابنته الكبرى، أن "والدي كان رجلاً ذكياً جداً. وكان صاحب رؤية"، وتقول إنه كثيراً ما كان يتحدث بفخر عن فطنة والده الراحل في العمل التجاري، وهذا على الرغم من كونه أمياً.

ومع ذلك، ترى نجوى أن اهتمام والدها بالتعليم يتعلق أقل بمجرد تغيير قصة أسرته، ويتعلق أكثر بالنهوض بشأن فلسطين ككل. وتسترسل قائلة: "كان والدي يؤمن فعلاً بأن التعليم هو الشيء الوحيد الذي يمكن للفلسطينيين—الذين هم بلا أرض أو دولة—من امتلاكه حقاً، ورأى أن التعليم وسيلة الناس لكسب المال وللبقاء كعائلات وكمجتمعات وكأمة".

وتدرك نجوى، التي ترأس الآن مؤسسة عبد المحسن القطّان، والتي كانت أستاذة للتاريخ العثماني والشرق الأوسط الحديث في جامعة «لويولا ماريماونت» حتى تقاعدها مؤخراً، والتي حصلت على درجة البكالوريوس في الفلسفة من الجامعة الأمريكية في بيروت، وماجستير في الفلسفة من جامعة جورج تاون، ودرجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة هارفارد، بأنها قد استفادت من شغف والدها بالتعليم.

وتدلي بأنه "لم يكن يهم أنني كنت فتاة؛ إذ دعمني بالفعل في وقت لم تكن فيه الأسر الثرية تشجع بناتها على الدراسة. وبالنسبة له، فإن نجاحي الأكاديمي هو نجاح أكاديمي فلسطيني؛ وهكذا كان يرى الأمر".

كانت الكويت تشهد ازدهارًا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وجذبت العديد من العمال الوافدين، من بينهم عبد المحسن القطان. الصورة: Flickr.com/Brett Jordan