0%
English
نبذة +

2021

اليوم

الأجيال المقبلة

مستقبل العمل الخيري في أياد أمينة

سيترك إرث عبد الله الغرير الخيري بصمة بارزة لأجيال عدة من خلال الفرص التي أتاحها لأعداد لا تحصى من الأسر والأفراد. لكن بالإضافة إلى سخائه، سيبقى اسم عبد الله محفوراً في الذاكرة لإنشائه مؤسسة خيرية رائدة في وضع النماذج الاستراتيجية التي من شأنها إحداث تأثير دائم وحقيقي. واليوم يحمل أبناء عبد الله وأحفاده راية الأب المؤسس والمُلهم ويأخذون زمام المبادرة لمواصلة رحلته الخيرية.

"إن طلب العلم لا يتعلق فقط بالإنجاز الشخصي، بل هو جزء من مسؤوليتنا المجتمعية والدينية كعرب ومسلمين."

عبد الله الغرير

عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس إدارة مؤسسة عبد الله الغرير، وشقيقه الأصغر سلطان (يمين) عضو مجلس الأمناء. الصورة: تتش لاين.

في غضون عقود قليلة فقط ازدهرت دولة الإمارات العربية المتحدة - لا سيما إمارة دبي - لتصبح واحدة من أكثر المناطق تقدماً واحتضاناً للثقافات في العالم. وباتت دبي اليوم وجهة عالمية ذات اقتصاد مزدهر، ويعيش على ثراها اليوم أكثر من 200 جنسية. ومن إمارة لا تحوي سوى ناطحة سحاب واحدة في عام 1979 إلى مدينة عالمية، تنافس اليوم مدناً مثل نيويورك وسنغافورة.

لعبت عائلة الغرير دوراً محورياً في هذا النمو إذ تنتشر انجازاتها في كل ركن من أركان الإمارة. فلا يزال بنك المشرق أكبر وأعرق مصرف مملوك للقطاع الخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة، في حين أرسى مركز الغرير، إحدى مراكز التسوق الأولى في الشرق الأوسط والذي يضم أكثر من 300 متجر ومطعم، معايير جديدة لتجارة التجزئة والترفيه في المنطقة. علاوة على ذلك، شاركت الغرير للإنشاءات في مشاريع حيوية أبرزها بناء مترو دبي وبرج خليفة، أعلى مبنى شيده الإنسان في العالم.

لكن بالنسبة للكثيرين، لن يكون الإرث الأكبر لعبد الله إنجازاته في عالم المال والأعمال وإنما تسخيره لثروته للارتقاء بالمجتمعات المحلية من حوله واستكشاف سُبل جديدة للتصدي لأوجه عدم المساواة من خلال تعزيز فرص الوصول إلى التعليم والحصول على الوظائف.

ويلعب التزام الأسرة بتطوير التعليم ودعمه دوراً محورياً ليس أقله مساعدة دولة الإمارات العربية المتحدة على المنافسة على الصعيد العالمي والمساهمة أيضاً في منح ابنائها الأفضلية عندما يتعلق الأمر باقتصاد المعرفة مع دخولنا في ما يسميه صانعو السياسات ’الثورة الصناعية الثالثة‘.

في غضون عقود قليلة، ازدهرت دبي وتحولت من مركز تجاري بعيد إلى مكان رائد عالمياً في مجال الابتكار. الصورة: شترستوك.

يعتبر تأسيس المؤسسة الخيرية خروجاً عن العمل الخيري ذي الطابع الخفي الذي كان عبد الله وأبناء جيله يتبنونه، إذ يقول نجله الأكبر عبد العزيز الذي يتولى رئاسة مجلس إدارة مؤسسة عبد الله الغرير أن التركيز على إحداث الأثر وإقامة الشركات المستند إلى البيانات هو السبيل الوحيد للارتقاء إلى مستوى التحديات التي تسعى العائلة للتصدي لها من خلال عملها الخيري. كما يؤمن عبد العزيز، الذي ترأس في السابق المجلس الوطني الاتحادي بالأثر الكبير الذي يحققه رواد العطاء عندما يتحدثون عن أعمالهم الخيرية للتعريف بها وجعلها مصدر إلهام للآخرين.

"الأمر لا يتعلق بالشعور بالفخر بل بإلهام الآخرين" كما أفاد عبد العزيز في مقابلة مع ’زمن العطاء‘،ش مضيفاً أن "كثيرون حول العالم يقدمون على هذه الأعمال [الخيرية] لكسب المزيد من المال أو التباهي بها. ولكنّي لا أرغب بذلك. أريد أن أعمل بما يدفعني إليه قلبي".

وكان قرار عائلة الغرير بإضفاء الطابع المؤسسي على أعمالها الخيرية علامة بارزة في تاريخ العطاء العربي، لاسيما في دولة الإمارات العربية المتحدة. ولذلك تشعر العائلة بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها لضمان أن يكون العمل الخيري مؤثراً وفعالاً وأن تتم إدارته إدارة سليمة. وعن ذلك يقول عبد العزيز: "لقد وظفنا أفضل الكوادر البشرية لإدارة هذه المؤسسة ... ولذلك نحن مطمئنون بأن القاعدة موجودة، وهناك أيضاً توجيه من مجلس الأمناء الذي يتفاعل بانتظام مع الإدارة".

"يقوم العديد من الأشخاص حول العالم بهذه الأعمال لكسب المزيد من المال أو المفاخرة. أما أنا فلا أريد أن أفعل ذلك بل أود أن ينبع عمل الخير من القلب."

عبد العزيز الغرير

استرعت الجهود التي تبذلها مؤسسة عبد الله الغرير انتباه القيادة السياسية في دبي. وهذه صورة للقاء جمع عبد الله الغرير بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، حاكم دبي. الصورة: المكتب الإعلامي لحكومة دبي.

يأخذ سلطان الغرير، وهو أيضاً نجل عبد الله وعضو في مجلس أمناء مؤسسة عبد الله الغرير، مسؤولياته الخيرية على محمل الجد فيقول: "من المهم بالنسبة لي أن يكون لدي دور إيجابي في العمل الخيري الذي أسسه أقرب الناس إلي وهو الوالد... يتوجب علينا بذل كل جهد ممكن كي ننجح في هذه المسيرة وأن يتم ذكرنا في المستقبل كأشخاص كان لهم دور فعّال أدى إلى نتائج طيبة".

فضلاً عن دوره القيادي في مؤسسة عبد الله الغرير، عبد العزيز هو أيضاً رائد عطاء يقدم دعمه السخي لمجموعة كبيرة من المؤسسات الخيرية والبرامج في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها. غير أن صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين يبقى مبادرته الرئيسية التي أطلقها عام 2018 استجابة لمحنة اللاجئين السوريين وتأثير نزوحهم على المجتمعات المضيفة في لبنان والأردن.

يقدم صندوق تعليم اللاجئين، الذي يدار من قبل مؤسسة عبد الله الغرير، منحاً دراسية وغيرها من أشكال الدعم في مجال التعليم للاجئين والشباب العربي من المتأثرين بالنزاعات والقاطنين في الإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن. واستفاد من الصندوق حتى اليوم نحو 60,000 شاب وشابة، وهو أعلى بكثير من العدد المستهدف في البداية والبالغ 20,000. كما سيتم الإعلان عن المجموعة الرابعة من المستفيدين قريباً.

مهارات جديدة

تركيز على النمو

تطلق مؤسسة عبدالله الغرير على أحدث مبادراتها اسم ’نمو‘ التي دشنتها في العام 2022 لتزويد 25,000 شاب وشابة إماراتيين بالمعارف والمهارات والشهادات المعتمدة في سوق العمل واللازمة لتحقيق النجاح في الاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة. وتتمثل الفكرة وراء المبادرة في صقل مهارات الشباب وإيجاد مسارات للتعلم لكل من الباحثين عن عمل لأول مرة وأولئك الذين يسعون لصقل مهاراتهم تجنباً لفقدان وظائفهم بسبب الأتمتة.

وتشمل المشاريع التي نفذتها المؤسسة تحت مظلة ’نمو‘: برنامج تطوير الشباب الإماراتي TechUp بالشراكة مع منصة  UDACITY التي توفر الدورات التدريبية عبر الإنترنت لتزويد الشباب الإماراتي بالمهارات الرقمية؛ وبرنامج سراج بالشراكة مع سي إن إن بالعربية، لتزويد الطلاب بالمهارات الأساسية لسوق العمل؛ ومشروع ’هامة‘ الذي يسعى لبناء قدرات مجنّدات الخدمة الوطنية وتعزيز مهاراتهن الشخصية تحت قيادة مكتب رئاسة مجلس الوزراء.

ويقول عبد العزيز أننا "كي ننهض بالعالم العربي لا بد أن نعلم هذه الفئة الناشئة وندعمها من أجل الحصول على أفضل تعليم"، أما شقيقه سلطان فيؤمن أن "التعليم هو أفضل سلاح يمكن أن يعطى للشباب ليحققوا النجاح في حياتهم المستقبلية".

عبد العزيز هو أيضاً مانح رئيسي للصندوق العالمي الإسلامي الخيري للأطفال، الذي تم إطلاقه عام 2019 من قبل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والبنك الإسلامي للتنمية. وهذه الأداة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية هي عبارة عن صندوق مجمع من أموال الزكاة و/أو الصدقة المقدمة من رواد العطاء والمحسنين لتمويل البرامج الإنسانية والإنمائية التي تدعم الأطفال في 57 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وفي أوائل عام 2021، خصص الصندوق لأول مرة مبلغ 12.1 مليون دولار لمشاريع سيتم تنفيذها بالشراكة مع اليونيسف وتستهدف (بشكل رئيسي) الأطفال اللاجئين في بنغلاديش والأردن وباكستان.

وقد وصفت المديرة التنفيذية السابقة لليونيسف، هنريتا فور، الصندوق العالمي الإسلامي الخيري للأطفال بأنه "يمثل فرصةً فريدة ومميزة لأبرز المحسنين وفاعلي الخير المسلمين حول العالم للالتقاء معاً وإحداث تغييرٍ كبيرٍ ودائم على حياة الأطفال الأكثر استضعافاً وعائلاتهم". بدوره، قال عبد العزيز عند إطلاق الصندوق أنه فخور للغاية بالمشاركة في "تنسيق وتوجيه الدعم الذي يقدّمه فاعلو الخير والمحسنون المسلمون للمساعدة في إضفاء الطابع المؤسسي على العطاء الإسلامي بطريقةٍ استراتيجيةٍ ومؤثرة".

صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين

دعم برامج التعليم ذات الأثر العالي لصالح الاجئين في الأردن ولبنان

يدعم صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين برامج التعليم ذات الأثر العالي للاجئين من الشباب في الأردن ولبنان والشباب العرب المتأثرين بالحروب والكوارث في بلدانهم، والذين يقيمون مؤقتاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليتمكنوا من الحصول على التعليم الثانوي والمهني والعالي. ومنذ إطلاقها عام 2018، نجحت المبادرة، التي تديرها مؤسسة عبدالله الغرير وشركاؤها، في دعم أكثر من 60,000 شاب أو طالب، لتتجاوز بذلك العدد المستهدف عند انطلاقها والبالغ 20,000 لاجئ.

ويقول عبد العزيز أن "التعليم هو السبيل للأطفال والشباب لتحقيق نموهم الفكري وبناء شخصياتهم، ومنحهم الأمل ليصبحوا أفراداً منتجين يعتمدون على أنفسهم في مجتمعاتهم" مضيفاً أنه يتوجب على رواد العطاء والمحسنين العمل "على تمكين [الشباب] كي يتمكّنوا من إيجاد المسارات المناسبة للارتقاء بمستواهم المعيشي".

ويوضح أن "الأطفال يشكلون نصف لاجئي العالم في الوقت الراهن، ولا يمكننا أن نخاطر بخسارة جيل كامل نتيجة عدم قدرتهم على الوصول إلى التعليم الجيد. فالتعليم يوفر للاجئين الشباب أفضل فرصةٍ لبناء المهارات والخبرات التي يحتاجون إليها لبناء حياتهم والاستثمار في مستقبلهم".

عبد العزيز يتحدث عن صندوق تعليم اللاجئين الخاص به.

في يونيو 2023، حظي التأثير الذي حققه عبد الله الغرير وإرثه بتقدير كبير من أبرز الشخصيات في بلاده عندما حصل على جائزة الشخصية التربوية في الدورة السادسة عشرة من جائزة خليفة التربوية

تأسست جائزة خليفة لتعزيز النهوض بالتعليم وتسهيل التعاون المثمر بين الجهات المعنية المحلية والعربية والدولية في هذا المجال. وتهدف الجائزة إلى بث دينامية جديدة في التعليم بما يتماشى مع أحدث التطورات في المعرفة العلمية وتكنولوجيا المعلومات

تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء في دولة الإمارات، وبحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك، وزير التسامح والتعايش، حصل عبد الله الغرير على هذا التكريم المرموق تقديراً لدوره وإسهاماته في النهوض بالعملية التعليمية ودعم التميز في الميدان التربوي على المستويات المحلية والإقليمية والدولية

لا شك أن إرث عبد الله الغرير واضح وملموس في جميع أنحاء الشرق الأوسط ولكنَّ الأشد وضوحاً من ذلك هو نجاحه في إلهام الآخرين على العطاء. كما يدرك أبناؤه أهمية مواصلة العمل الخيري للعائلة والاستمرار في إرث والدهم والتأكد من أن عطاءهم يحقق أكبر قدر ممكن من التأثير.

Next Founder

الشيخ أحمد عبد الله الجفالي

Born: 1924

Areas: التعليم، الصحة، الشباب

Nationality: سعودي

Geography: جميع أنحاء العالم