0%
English
نبذة +

1980

2000

التعليم من أجل النجاح

ازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة يقوم على تعليم أبنائها

كان عبد الله الغرير يؤمن بأن ازدهار وطنه مستقبلاً يعتمد على شيء لم يتمكن من الحصول عليه عندما كان صغيراً: إنه التمتع بمستوى جيد من التعليم. ولذلك، ومن خلال استثماره في المدارس والجامعات، سعى إلى إعادة تشكيل المسارات لجيل المستقبل من الشباب الإماراتي والعربي والمساعدة في تنمية المنطقة والارتقاء بها.

"نسعى من خلال التعليم إلى التصدي لأوجه عدم المساواة على نحو فعّال وتمكين الشباب من الأسر المنخفضة الدخل من تحقيق كامل إمكاناتهم ومساعدة مجتمعاتهم على الازدهار."

عبد الله الغرير

في بدايات القرن العشرين، كان التعليم في ما يعرف الآن بدولة الإمارات العربية المتحدة (المعروفة سابقاً بإمارات الساحل المتصالح) يقوم على نظام "الكتاتيب". تأسس هذا النظام في المملكة العربية السعودية وكان يعتمد على تدريس الأطفال العلوم الأساسية والرياضيات وتلاوة القرآن داخل المساجد على يد السلطات الدينية المعروفة باسم "المطاوعة". وبحلول ستينيات القرن الماضي، تم استبدال هذا النموذج التعليمي ذي الطابع الديني إلى حد كبير بنهج يمتاز بمستويات أعلى من الرسمية بمساعدة دولة الكويت المجاورة، التي كانت قد حصلت على استقلالها في العام 1961. فقد كانت الكويت ترسل المعلمين والمواد التعليمية إلى المشيخات الست التي شكلت في النهاية دولة الإمارات العربية المتحدة، كما كان الطلاب يسافرون آنذاك إلى هذه الدولة الشقيقة لتقديم امتحاناتهم النهائية هناك.

وبعد حصول دولة الإمارات العربية المتحدة على استقلالها عام 1971 قامت بوضع نظام تعليمي وطني خاص بها وخلال وقت قصير أصبح التعليم الابتدائي إلزامياً لجميع الفتيات والفتيان الإماراتيين.

صورة لعبد العزيز في صغره مع والده عبد الله الغرير.

"أعتقد أن السبب هو أن الوالد لم يكمل تعليمه الثانوي ... فأراد أن يمنحنا نحن – أبناؤه وبناته - الفرصة لاستكمال دراستنا الجامعية."

عبد العزيز الغرير

أدرك عبد الله الغرير أن التعليم هو الطريقة المثلى لتحقيق التقدم والازدهار لبلاده، فشرع في بناء المدارس في دبي والإمارات العربية المتحدة وأبعد من ذلك وتقديم التبرعات لها. كان عبد الله يستثمر في المستقبل وفي الوقت ذاته يحقق ما كان يتمناه لنفسه في الماضي. ويوضح نجله الأكبر عبد العزيز ذلك بالقول: "أعتقد أن السبب هو أن الوالد لم يكمل تعليمه الثانوي ... فأراد أن يمنحنا نحن – أبناؤه وبناته - الفرصة لاستكمال دراستنا الجامعية".

وقد انعكس شغف عبد الله الغرير بالتعليم على عبد العزيز وأشقائه والعديد من أصدقائهم حيث تكفل بتكاليف دراستهم في الخارج. فعلى سبيل المثال، حصل عبد العزيز على درجة الشرف في الهندسة الصناعية من جامعة كاليفورنيا بوليتكنيك، بينما تخرّج شقيقاه راشد وسلطان من جامعة سافولك في بوسطن. 

لطالما كان التعليم أمراً مهماً جداً بالنسبة لعبد الله الغرير، كما يقول ابنه سلطان.

"لقد اهتم كثيراً بالتعليم لدرجة أنه أرسلني وأخي واثنين من أصدقائنا إلى الولايات المتحدة. لم نكن حينها نتحدث الإنجليزية جيداً فالتحقنا بدورة لتعلم اللغة الإنجليزية بمساعدة السفارة الكويتية. لقد غامر الوالد بإرسالنا إلى الولايات المتحدة في وقت لم يكن لدينا فيه مستشارون أو سفارة أو ملحقون ثقافيون. لكن الحمد لله حصلنا على شهاداتنا واستفدنا كثيراً من هذه التجربة،" كما يقول عبد العزيز.

 كما تميز عبد الله عن أبناء جيله الأكثر تحفظاً بإيمانه العميق بأهمية تعليم الفتيات، لا سيما بناته. ويتذكر عبد العزيز كيف اتخذ والده قراراً صعباً بإرسال شقيقته للدراسة في الخارج في السبعينات فيقول: "كانت شقيقتي تحلم بدراسة الطب، فأرسلها والدي إلى باكستان عند عائلة نعرفها هناك، فتمكنت من الالتحاق بكلية الطب وتخرجت في النهاية كطبيبة من باكستان. لقد كان إرسال الفتيات إلى الخارج من أجل الدراسة في السبعينات أمراً صعباً للغاية، لكن الوالد تجاوز هذه النظرية قائلاً أنه مستعد لإرسال أولاده وبناته إلى أي مكان من أجل الحصول على أفضل تعليم في المنطقة".

عبد العزيز الغرير يشرح كيف بدأ العمل الخيري الخاص بوالده في مجال التعليم على مستوى المجتمع المحلي لكنه سرعان ما نما ليصبح جهداً أكثر تنظيماً وتأثيراً.

عقيدة تقوم على العطاء

لطالما لعب الإيمان دوراً مركزياً في الأعمال الخيرية في المنطقة

الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام التي تلزم المسلمين بإخراج 2.5 بالمئة من القيمة الإجمالية لثروتهم كل عام لصالح الفقراء. وفي بعض الدول الإسلامية، لا سيما إندونيسيا والمملكة العربية السعودية، تقوم الدولة بجمع الزكاة. أما في دول أخرى فيمكن للمسلمين اختيار الجهات التي يودون التبرع لها، سواء المساجد أو الجمعيات الخيرية، أو التبرع بشكل مباشر للمحتاجين. وتعرف التبرعات الخيرية التي تقدم طوعاً بعد إخراج 2.5 بالمئة من الثروة بالصدقة.

ويحتل التخفيف من حدة الجوع والفقر وانعدام المساواة وتعزيز السلام وحماية البيئة مكانة جوهرية في المبادئ الإسلامية المعروفة باسم "مقاصد الشريعة". ويحدد القرآن الكريم ثماني مصارف لا بد أن تصرف فيها الزكاة من بينها مساعدة الفقراء والمساكين واللاجئين والنازحين وتحرير الرقاب. وتنطوي الفلسفة الأساسية للزكاة على التنمية المسؤولة اجتماعياً وتعزيز الاعتماد على الذات بين متلقيها. وعلى الرغم من أن القيمة الحقيقية للزكاة التي تصرف على صعيد العالم غير معروفة، إلا أن تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تفيد بأنها تتراوح بين 200 مليون إلى تريليون دولار.

كان إيمان عبد الله الدافع الرئيسي لعطائه. وقد شكّل تمسكه بالقيم الإسلامية والمسؤوليات التي يفرضها الدين الحنيف جزءاً مهماً مما ألهمه لتأسيس واحدة من أولى المؤسسات الخيرية في الإمارات العربية المتحدة وأكبرها في المنطقة.